مقال بعنوان متطلبات الإصلاح الاقتصادي التنموي في العراق

بقلم الأستاذ المساعد الدكتور علياء حسين خلف الزركوشي معاون عميد كلية الإدارة والاقتصاد للشؤون العلمية

     شكلتْ التنمية المتمحورة على الذات سمة خاصة لعملية تراكم خزين رأس المَال المادي والبشري، فالترَكيز على العوامل الذاتية والانطلاق مَنها بوصفها قاعدة التغيير عُدّ هو الامل فَي مثل هذا النمط مَن الانساق التَنموية والتي لغَرض انجاحها لابد من تنامي فكرة الإصلاح الذاتي وتَحفَيز الضمير الجَمعي، ويقصد به شَيوع الرغبة بالتَحول الإيجابي فَي الحقوق والواجبات بوَصفها اساساً لأي تغيير اجتماعي واقتصادي، لأنه يُمثل بدوره دافعاً لتحويل الافكار الى تَمثلات سلوكية ومَن ثم تحويل فَكر النهضة الى ممارسات ، كمَا انَ تعزيز القدرات وتوسيع الفرص أمام جيل الشباب سيفتح المجال واسعاً لتحَرير طاقاتهم واحداث تغييرات جذرية فَي البيئة الاقتَصادية والاجتماعية، ولغرض بناء مجتمعات أكثر اندماجاً وديمقراطية مدعومة بقواعد ومؤسسات سياسية مؤاتية ستدفع باتجاه السلوك الذاتي الارضائي الذي يُعزّز مَن التقدم والتوجه نحو التسامح واحترام الاختلافات الاجتماعية والدينية،وتكوين وبناء الهوية الوطنية الذيَ يُعَد عنصراً مهماً فَي البناء التَنموي لضمان التَوجه المجَتمعي نحو هدف محدد وباندفاع حقيقي يَضمَن انَجازه  بأرخص الاثمان واقصر المديات الزمَنية، كما تستلزم عملية التنمية  تحسين البنية التحتية، فأنشاء مشروعات النقل والموانئ ومشاريع الري والصرف الصحي يَستلزم إنجازها وبشكل سريع تدفقات استثمارية كبيرة ومستمرة ذلك لأنها تُشكل مفتاح الدفع التَنموي بما يَوفر امكانيات تقليص تكاليف الإنتاج وزيادة الإنتاجية ،وتطور مستويات المعيشة وزيادة الفرص الوظيفَية، فزيادة اجمالي النَاتج المحلي بنسبة (1%) النَاجم عن الانفاق فَي البنية التحتية يُمكن ان يُولّد ( 9) ملايين وظيفة على مدى عشر سنوات عبر تغطية الاحتياجات السنوية للاستثمارات المَنفذة ولا سَيما فَي قطاعي الكهرباء والنقل ، ويعَد هذا النوع مَن البنى ذات تأثير بالغ الأهمية فَي توليد فرص العمل، وتمثل البنية التحتية ركيزة أساسية لتوفَير بيئة جاذبة للاستثمارات الخارجية، كما تساعد فَي توطين رأس المال المحلي وتَحفَيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتحسين القدرات التنافسية المحلية، ولا يقتصر دور البنية التحتية على تَيسير النشاط الاقتَصادي الداخلي فحَسب وانما تَظهر انعكاساتهِ واضحة على تَحسين علاقة الاقتَصاد المحلي بالاقتَصاد العالمي، ومَن ثم تَحديد درجة تنافسية الاقتَصاد على الساحة الدولية، لذلك أصَبح توفَير مَنظومة شاملة ومتكاملة لخدمات البنية التحتية امراً لابد مَنه فَي التجارة الخارجية، وتُسهم خدمات البنية التحتية فَي زيادة مستوى الرفاهية مَن خلال آليتين رئيسيتين هما: تحقيق مَنافع اقتصادية واجتماعية للأفراد، فالرفاهية هي دالة لحجم وجودة السلع والخدمات المتوفرة ” كهرباء وماء نظيف وخدمات صرف صحي ونقل”، وكذلك خدمات البنية التحتية الاجتماعية كالتعليم والصحة التي ترفع مَن مهارات وقدرات عنصر العمل، وتحقيق مَنافع اقتصادية لقطاع الاعمال مَن خلال تطوير كفاءة أسواق العمل، وتوسيع حجم السوق، وتخفَيض التكاليف الإنتاجية.

كما تتطلب توفر مَنظومة إدارية كفوءة ومَنضبطة تُسهم فَي إنجاح النَموذج التَنموي، وتستند هذه المَنظومة على الدعائم الأساسية  مثل الدعامة السياسية وتتمثل بعملية صنع القرار المتضمَنة رسم وصياغة السياسات،والدعامة الاقتَصادية وتختص بعملية صنع القرارات المؤثرة فَي الأنشطة الاقتَصادية للدولة وعلاقتَها بالاقتَصادات الأخرى، الدعامة الإدارية وتتمثل بالنظام الخاص لتنفَيذ القرارات والسياسات. السعي في تعزيز الاستثمارات الخَارجية متطلب آخر ، إذ يَتوجبَ على الدولة تحمل مسؤوليتها فَي التخطيط الشامل والتوجيه المعياري لأنظمة الاستثمارات الخَارجية انطلاقاً مَن استراتيجيات تنمية الاقتَصاد الكلي للدولة.