الإدارة والاقتصاد تقيم محاضرة بعنوان ( ثورة الامام الحسين عليه السلام – ثورة الاصلاح الشامل )

برعاية السيد رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور عبد المنعم عباس كريم المحترم وبأشراف السيد عميد كلية الإدارة والاقتصاد الأستاذ الدكتور مهدي صالح دواي المحترم أقام قسم الاقتصاد محاضرة بعنوان ( ثورة الامام الحسين عليه السلام – ثورة الاصلاح الشامل ) وحاضر فيها ( أ.م. د. نادية مهدي عبد القادر ) .
— التاريخ الاسلامي شهد الكثير من المعارك والثورات التي اندثرت مع مرور الزمن الا واقعة واحدة ظلت ولازالت مستمرة أحداثها حتى يومنا هذا وهي واقعة الطف في كربلاء في 10 محرم سنة 61 ه 680 م والتي كانت ضد الظلم والطغيان.
أن نهضة الامام الحسين(عليه السلام) وما اشتملت عليه من مظاهر التضحية بكل عزيز على النفس البشرية من ولد ومال في سبيل المبادئ والصالح العام شكلت تحديا بارزا ورئيسا للاستبداد والطغيان الذي كانت تمثله الدولة الاموية لما لهذه الثورة من مبادئ انسانية سامية هدفها القضاء على الظلم وتحقيق العدل والمساواة على وفق المنهج الاسلامي الصحيح .
حملت الثورة الحسينية الكثير من المعاني والدلالات والمبادئ الانسانية فهي ليست تلك الثورة والحركة التي حصلت احداثها ووقائعها قبل ما يقارب من 1400 سنة فهي تمثل استمرار لخط النبوة ويتم بها ثبات واستقامة القيم والمبادئ الانسانية وهي ثورة لإنقاذ الدين وأحياء الشريعة وإصلاح الامة الاسلامية وفق مبادئ وتعاليم الرسالة المحمدية.
تركت الثورة الحسينية أثارها وبصماتها في الفكر الانساني بشكل عام اذ لم تنحصر أثارها بطائفة دون أخرى ولا بزمان دون غيره بل شملت كل احرار العالم على اختلاف دياناتهم ومعتقداتهم على مدى الزمان لما تضمنه من مضامين ومعاني الاصلاح والمبادئ الانسانية السامية .
من الناحية الاقتصادية- والتي تمثل العدالة في توزيع الثروة على المجتمع جاءت النهضة الحسينية في عاشوراء لتأكد على القيم الانسانية وحق الناس في الحياة والعيش الكريم وعدم تبذير الثروات على الامور الدنيوية للحاكم وتوزيع العطاء على عامة الناس
لم يفجر الامام الحسين ثورته الكبرى اشرا، ولا بطرا، ولا ظالما، ولا مفسدا بل حاول تحرير اقتصاد الامة الاسلامية بسبب انهياره الذي هو شرايين حياتها الاجتماعية، فقد نهبت الخزينة المركزية في حين أن الجوع قد نهش الامة وعمت فيها المجاعة، وانتشر شبح الفقر في جميع الاقطار الاسلامية وقد ثار الامام الحسين ليحمي اقتصاد الامة ويعيد توازن حياتها المعيشية، وقد صادر أموالا من الخراج أكثر ما يعاني من الالام هو انه يرى الفقر قد أخذ بخناق المواطنين ، ولم ينفق شيء من بيت المال على إنعاش حياتهم.
ويعد الاصلاح هدفا رئيسيا من اهداف الانبياء والائمة(عليهم السلام) والمجتمعات البشرية بحاجة دائمة للإصلاح وتوجيه الناس نحو عبادة الله عز وجل ومحارة الفساد والافساد وأشاعه القيم والمثل العليا وتكريس مكارم الاخلاق وبناء جيل صالح ومجتمع راشد، وكان كل الانبياء والرسل يسعون الى الاصلاح بكل انواعه(اصلاح العقيدة واصلاح الاخلاق واصلاح المجتمع واصلاح الفكر والثقافة واصلاح السلوك والعادات الفاسدة).
من الناحية الاجتماعية – قد اقترنت ثورة الحسين بالعطاء فكانت عظيمة بعطاء الحسين وشموخ الحسين وأخلاق الحسين التي هي أخلاق محمد وعلي، إنها أخلاق القرآن الذي صرح خلق عظيم ً فقال تعالى مخاطبا نبيه الكريم: (وإنك لعلى خلق الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والتي هي أيضا أخلاق الأئمة المعصومين فأي خلق أعظم من هذا الخلق، لقد مثل الإمام الحسين في وقفته يوم عاشوراء أروع القيم وأعظم الأخلاق، وقف في ذلك اليوم أمام الجموع ليعظهم وينبههم إلى ما هم مقدمون عليه من الأمر الشنيع غير أن النفوس التي أغرتها الدنيا ودناءتها أبت إلا طغيانا ً وكفرا ، وبلغ من خسة الشمر أن يتطاول على الحسين سيد شباب أهل الجنة فأراد مسلم وقال: أكره أن أبدأهم بقتال ، والتي جسدت الاصلاح والهداية لكل البشرية دون إن ثورة الامام الحسين استثناء، اذ سعى سيد الشهداء وصحبه الابرار بتضحياتهم السخية الى بناء مجتمع إسلامي وإنساني متكامل، تسود فيه الاخلاق الفاضلة والقيم النبيلة وتتحقق فيه العدالة والاخوة والحرية والمساواة وباقي القيم الانسانية التي تحفظ حقوق وكرامة الإنسان .
ان الامام الحسين سعى الى اقامة المشروع الحضاري التنموي الدائم، ذي البعد الانساني الاصلاحي المقترن بالإدارة الاستراتيجية للامة الاسلامية المتمثل بواقعة الطف الاصلاحية، وجسدت ثورة الإمام في نهضتها قيم ومبادئ حقوق الأمة والبشرية جمعاء. فهي لم تكن ثورة في مكان وزمان معينين بل كانت على امتداد التاريخ والعالم اجمع لأنها رسمت سبيل الخلاص من الظلم وطلب العدالة والحرية، فثورته اكدت ضرورة صلاح شؤون الأمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية وعدم المساومة على الحق ورفض الباطل، والزيف، والفساد، والضلال وكل ألوان الانحراف الأخلاقي، والثقافي، والاجتماعي، والسياسي، فالإمام الحسين قال «لا أرى الموت الإ سعادة والحياة مع الظالمين الأ برما » في تأكيد على ان ثورته هي الصرخة المدوية في مواجهة الظلم والظالمين، والبغي والباغين ومقارعة الاستكبار والمستكبرين