التحوط في شركات الطيران وانعكاسها على سوق المال

   التحوط في شركات الطيران وانعكاسها على سوق المال        Hedging airlines

 

                                                                                                                                                                               

                                                                                                                                                                                            د. قصي عبد الخالق فاضل

 

 

 

   يعتبر موضوع التحوط  من  العناوين المهمة التي تعمل عليها شركات الطيران في الوقت الراهن، والتحوط هو اخذ الحذر لمواجهة حالة حرجة قد تتعرض لها تجنبا لوقوع كارثة (avoid crisis) وهو استكمال برنامج متكامل تعمل عليها شركات الطيران لمواجهة الأزمات والحالات الطارئة التي قد تحدث مما يؤدي إلى حدوث مشاكل مالية .

     ففي الحقبة الماضية من القرن الماضي واجهت شركات النقل الجوي بكل عناوينها وتفرعاتها تأرجحا في أسعار الوقود العالمية والتي انعكست سلبا على أسعار وقود الطائرات ارتفاعا أو انخفاضا لهذه المادة الأساسية والتي تشكل  ما نسبته 30%من التكاليف المتغيرة على أساس سنوي ,كون هذه التكاليف تنقسم إلى قسمين التكاليف  الثابتة وهي تلك التكاليف التي تبقى ثابتة بصورة سنوية مثل ( شراء الأراضي والطائرات وغيرها )  والتي يزيد عمرها عن عام ,أما التكاليف المتغيرة فهي التكاليف التي تكون لفترة زمنية لأقل من عام مثل مصاريف الصيانة والأجور وغيرها وعلى هذا تعتبر التكاليف المتغيرة الأساس في احتساب صافي الربح أو صافي الخسارة ولما كان وقود الطائرات يأخذ هذه النسبة العالية من التكاليف المتغيرة فانه يضع الموازنة التخمينية في حالة حرجة من عدة جوانب  الأول لا تستطيع الشركة من رفع تذاكر السفر إلى مستويات مرتفعة لتغطية ارتفاع أسعار الوقود لوجود شركات طيران منافسة، من الجانب الأخر أي حالة عدم تحقيق الربحية أو الخسارة تؤدي إلى انخفاض أسعار الأسهم لشركات الطيران المدرجة في سوق المال العالمي .

     هذه الحالة بدأت تشغل الإدارات العليا لهذه الشركات عندما أخذت أسعار النفط تؤخذ منحاً مرتفعا في الربع الأخير من القرن الماضي وأثرت سلبا على صافي الربح وربما الوصول إلى تحقيق خسارة كما في شركة دلتا للطيران الأمريكية وغيرها من الشركات الأمريكية والأوربية هذه الخسارات كان لها الأثر السلبي على أداء  أسواق المال نتيجة انخفاض مؤشر أسعار أسهم شركات النقل الجوي .

     عند منتصف تسعينيات القرن الماضي بدأت شركات لوفتهانزا  ( Lufthanza) بتخصيص مبلغ ضمن الموازنة التخطيطية لمواجهة تأرجح أسعار الوقود مما انعكس إيجابا على أداء الشركة وتحقيق أرباح تشغيلية جيدة بزيادة حوالي 9%من النسبة المخطط لها وارتفاع أسعار أسهم الشركة واستقرار سوق     المال ،مما حدى بالشركات العالمية الأخرى أن تحذو حذو شركة لوفتهانزا (Lufthanza) في تكوين احتياطي مبلغ التحوط لمواجهة أزمة تأرجح أسعار الوقود العالمي. إن الاستفادة من تجارب شركات الطيران العالمية تتوجب على شركات الطيران العراقية بفرعيها العام والخاص الانتباه لهذا النوع من احتياطي التحوط لان أسعار وقود الطائرات في العراق مدعومة من قبل الدولة مما يدفع الدولة لتحمل فرق السعر لهذه المادة الأساسية والحيوية . هنا يتم طرح السؤال ماذا لو توقفت الدولة عن دعم أسعار وقود الطائرات وخصوصا إن نسبة الدعم تصل إلى ما نسبته 50%؟  على ذلك يجب على شركات الطيران العراقية العمل بإعداد موازنة تخطيطية تحتوي احتياطي ارتفاع أسعار الوقود بالمعروف باسم (احتياطي التحوط )لمواجهة أسباب ارتفاع أسعار الوقود في الأسواق العالمية والمحافظة على المركز المالي لهذه الشركات وكاسلوب احترازي لارتفاع أسعـــار الوقود .

    وفي هذا السياق فقد وقعت لوفتهانزا عقدا مع الخطوط الجوية العراقية لتطوير الشركة وتحديثها وفق التقنيات المتقدمة ونقلها إلى مصاف الشركات العالمية .