مقال بعنوان التنمية البشرية وراس المال الفكري 

بقلم الأستاذ المساعد لؤي قيس عبد الله مدرب دولي في التنمية البشرية

         يعد مفهوم التنمية البشرية من المفاهيم الحديثة على مجتمعاتنا العربية لكنها من اهم المفاهيم في المجتمعات الغربية ، فالتنمية البشرية تعني تنمية اهم مصدر من مصادر الثروة في المجتمع وأساسها ، وهو البشر ففي

       السابق كانت المصادر الطبيعية أهم مكونات الثروة القومية وأهم موجودات الشركات ، بعد ذلك أصبح رأس المال متمثلا بالنقد والموجودات الثابتة هو أهم مكونات الشركات والمجتمع، أما الآن فقد حل محل المصادر الطبيعية والنقد والموجودات الثابتة رأس المال الفكري الذي يعد أهم مكونات الثروة القومية وأغلى موجودات الشركات وقد تعرض لمفهوم راس المال الفكري العديد من الباحثين من زوايا متعددة، مثلا:

‏- (STAYER, 1990): رأس المال الفكري هو: القدرة العقلية التي تمثل الثروة الحقيقية للمنظمات التي لم يتابعها المحاسبون مثلما يتابعون النقد والموجودات وغيرها؛

‏-  (STEWART, 1997): ويعرف توماس ستيوارت رأس المال الفكري في كتابه الذي يحمل عنوان:” رأس المال الفكري: الثروة الجديدة للمنظمات “: المادة الفكرية، المعرفة، المعلومات، الملكية الفكرية والخبرة التي توضع قيد الاستخدام من اجل خلق الثروة الرابحة، لان اقتصاد اليوم يختلف في الأساس عن اقتصاد الأمس؛

‏- (AWAD & GHAZIRI, 2004): رأس المال الفكري هو: مجموعة من الأفراد الذين يستخدمون عقولهم أكثر من استخدامهم لأيديهم لأنهم يمتلكون خبرات، قيم، ثقافة، قدرة على الابتكار والإبداع من اجل إيجاد حل متخصص أو خلق قيمة…الخ.

وبالإضافة لهذه التعاريف لمصطلح رأس المال الفكري نجد في الأدبيات الاقتصادية واّلإدارية استخدام مصطلحات أخرى بنفس المفهوم منها: رأس المال غير المادي، اللاملموسات أو رأس المال غير الملموس، رأس المال المعرفي، وكلها تعكس نفس المفهوم.

ومما سبق يمكننا القول إن رأس المال الفكري أو أي مصطلح آخر يحمل نفس المدلول يعبر عن كل الموارد البشرية بما يمتلكون من خبرات ومهارات وكفاءات، وكل حقوق الملكية والعلاقات التي تملكها المنظمة وتستخدمها لزيادة كفاءتها وأدائها.

    مكونات رأس المال الفكري:

يقسم المهتمون بموضوع رأس المال الفكري مكوناته إلى عدة تقسيمات تتأرجح من مركبتين إلى 5 مركبات ،والأكثر شيوعا استنادا لأدبيات الموضوع المتداولة حاليا قسم رأس المال الفكري إلى 3 مركبات أساسية هي: رأس المال البشري؛ ورأس المال الهيكلي (أو التنظيمي)؛ ورأس المال الزبوني.

أ- الرأس المال البشري :

يتكون من جزأين أساسيين: جزء فطري وجزء مكتسب؛ الجزء الفطري يعبر عن الاستعدادات الجسمية والعقلية الفطرية التي تولد مع الفرد، أما الجزء المكتسب وهو الجزء الأهم في رأس المال البشري فيعبر عن مجمل المعارف والكفاءات والمؤهلات والقدرات الجسمانية والخبرات والتجارب المكتسبة. وتبدأ عملية اكتساب المعارف والمؤهلات والكفاءات والخبرات والتجارب من ميلاد الفرد إلى وفاته؛ فهي عملية تمتد مدى الحياة، وتتطور عبر مراحلها المختلفة من خلال:

1- العائلة ودور الحضانة، وكل الهياكل التي تستقبل الأطفال قبل سن الدراسة.

2- النشاطات الرسمية للتعليم والتكوين بكل مراحله في المؤسسات التعليمية الرسمية بكل أنواعها ومراحلها: التعليم التحضيري، التعليم الابتدائي والثانوي، التعليم المهني والتقني، والتعليم الجامعي…

3- التكوين والتدريب في مكان العمل.

4- الحياة اليومية للفرد وعلاقته الاجتماعية.

ب‌-  رأس المال الهيكلي:

هو عبارة عن قدرة المنظمة على نقل ونشر وتوظيف المعرفة والمهارة والخبرة المتوفرة عند العاملين في المنظمة إلى الواقع الفعلي، أي إلى مواقع إنتاجها والتي بحاجه إليها، وهذا النقل أو التوظيف والنشر يتم من خلال وجود هيكل تنظيمي ملائم وواضح الصلاحيات والمسؤوليات ولديه الكفاءة في تطبيق المعرفة والمهارة والخبرة في المنظمة .ويتمثل الرأسمال الهيكلي في الثقافة، النماذج التنظيمية و العمليات و الإجراءات و قنوات التوزيع فاذا رأينا عند وجود مصنعين لديهما نفس الآلات، مناصب العمل، السكرتيرات، المديرون، وكل العناصر الضرورية للأعمال، وفي النتائج يكون أحد المصنعين أكثر نجاحا من الآخر، فإن هذا مرده لرأس المال الهيكلي” .

ج- رأس المال الزبوني:

إن رأس المال الزبوني يمثل القيمة المشتقة من الزبائن الراضين ذوي الولاء، الموردون المعول عليهم، المصادر الخارجية الأخرى التي تقدم قيمة مضافة للمنظمة جراء علاقتـها المتميزة بها. وهو يعكس طبيعة العلاقات التي تربط المنظمة بعملائها ومورديها ومنافسيها، أو أي طرف آخر يساعد في تطوير وتحويل الفكرة إلى منتج أو خدمة. وعليه فمديري الألفية الثالثة مطالبين بفهم كل من المكونات المادية الملموسة، وغير المادية، أو غير الملموسة لرأس المال الفكري، وبتنمية ممارسات إدارية تدعم “حصد المعرفة”. ويقابل هؤلاء المديرين تحديا كبيرا لتنمية السلوكيات التي تقدر قيمة رأس المال الفكري، ثم تديره بعد ذلك على أنه أصل.