مقال بعنوان تأثير شبكات التواصل الاجتماعي على حركة الشعر الحديث


بقلم المدرس الدكتور مروه مهدي صالح
أحدثت وسائل التواصل الاجتماعي تحولًا جذريًا في طريقة تفاعل الناس مع الفنون الادبية، خاصة الشعر، وفرت هذه المنصات فرصًا جديدة للشعراء للتعبير عن أنفسهم ومشاركة أعمالهم بشكل أسرع وأوسع من خلال عدة جوانب، أهمها: أنها مكنت الشعراء من الوصول إلى جمهور واسع دون الحاجة إلى الناشرين التقليديين، مما ساهم في تعزيز التفاعل المباشر بين الشاعر والمتلقي ؛ كما عكست التوجهات الحديثة في الكتابة، كالشعر المرئي، بما ساهم في الابتكار ؛ اضافة الى تعزيز روح المنافسة والإبداع، بما أدى إلى ظهور مدارس شعرية جديدة تولدت من بيئة تفاعلية وتواصل فوري يدعم قدرة الشاعر على التأثير.
كان للخلفيات الثقافية المتنوعة دور في إثراء المشهد الشعري، حيث أثارت قضايا الهوية والاندماج الثقافي، التي تم التعبير عنها من خلال تجارب فردية أو جماعية، لعلَّ أهمها العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، مما ساهم في بروز أنماطًا جديدة سلطت الضوء على القضايا المعاصرة ذات الشعبية الواسعة ؛ وبتعدد التجارب الشعرية برزت أنماطًا شعرية مختلفة، من أبرزها:
– الهايكو: ظهر على منصة تويتر، وقدم تجربة شعرية مكثفة اعتمدت التعبير عن الفكرة في جمل بسيطة.
– الشعر المرئي: انتشر على الإنستغرام من خلال دمج الفيديو مع النصوص الشعرية، مما خلق تفاعلًا بصريًا.
– الشعر المنبري: ظهر عبر يوتيوب وتيك توك، عكس قضايا اجتماعية وأثار نقاشات مجتمعية من خلال الأداء الحي.
– شعر الهوية: تم توظيفه لتعزيز الهوية والانتماء عبر التعبير عن تجارب ثقافية متنوعة، مما نال استحسان المتلقين.
– الشعر الرقمي: استخدم الرموز التعبيرية بطريقة لم تكن مألوفة سابقًا.
قد يتساءل الجمهور عن تأثير هذه الأنماط الشعرية الجديدة على الشعر العربي، والجواب يكمن في تحقيق التجديد للأشكال الشعرية المألوفة، بما يتناسب مع التطور التكنولوجي من خلال مساهمته في توسيع نطاق الموضوعات والقضايا التي عبّر عنها، مما أدى إلى تغيرات ملحوظة في اللغة الشعرية، حيث باتت الرموز التعبيرية أكثر حضورًا ؛ ومع ذلك، لم تخلُ هذه الأنماط الشعرية من الانتقادات، حيث أدت سرعة الاستهلاك وفقدان العمق الفني البعض الى التهميش، مع خلق طبقة من تشتت الانتباه وسطحية الموضوعات، مما أثر سلبًا على اللغة الشعرية ؛ كما لم يفت الكاتب تساؤل البعض عن خلو هذا المقال من أسماء شعراء كل نمط، الحقيقة أن الفوضى التي ولّدتها هذه الأنماط جعلت من الصعب ذكر أسماء معينة، حيث إن القليل منها يعود لشعراء ذوي مكانة شعرية، ومع ذلك، وجدنا في “الشعر المرئي” تكاملاً بين النص والصورة، وفي “الشعر الرقمي” محاولات لجذب المتلقي من خلال تفاعلات مستمرة، وبذلك، واجهت هذه الأنماط الشعرية مجموعة من التحديات نتيجة تواجدها على منصات اجتماعية رأها وقرأها جمهور متنوع، مما خلق فرصًا للابتكار والتطوير، التي لا ندعي أنها يمكن أن تحل يومًا محل الشعر الكلاسيكي من حيث الاصالة والابداع.
