مقال بعنوان التعقيد السلوكي               

بقلم أ.محمود حسن جمعة  رئيس قسم الإدارة العامة

نظرية التعقيد موجودة في العلوم الطبيعية ولسنوات عديدة، وقد وجدت أهميتها في الفهم المتقدم في عدد كبير من التطبيقات شمل النظم الاحيائية والبيئية والفيزيائية والاجتماعية والاقتصادية، وقد طبقت حديثاً في مجال الدراسات القانونية والسياسية وفي نظريات علم النفس والفلسفة والطب والرعاية الصحية، والعلوم الادارية والتنظيمية وظهرت مؤخراً في دراسة القيادة والمنظمات. دراسة القيادة والمنظمات من منظور نظرية التعقيد ترتبط بالتكيف في مواجهة عدم اليقين. وهذا يعني ان القادة يحتاجون الى سلوكيات متعددة استجابة للسياقات المعقدة والمتنوعة التي يواجهونها. من حيث النظرة الكلاسيكية، فان التعقيد السلوكي ينظر الى القيادة على انها مجموعة هائلة، وربما لا نهائية من الحالات الطارئة التي هي في حالة من التغير المستمر. وعندما تصبح البيئات التنظيمية أكثر تعقيدا، تصبح المشكلة أكثر صعوبة، ومن ثم فقد يكون النهج المثمر هو محاولة تحديد محفظة الادوار التي تسمح للقائد بالاستجابة للمطالب المعقدة. أما من وجهة النظر الحديثة ترى أن مفهوم التعقيد السلوكي يرتبط بالمجالات ذات الصلة مثل التعقيد المعرفي والاجتماعي، والمذاهب السلوكية.

ويستخدم مفهوم التعقيد السلوكي للإشارة الى ضرورة قيام القادة بمجموعة واسعة من الوظائف القيادية المتعددة في المنظمة. وهذا يؤدي الى ان القادة سيكونون أكثر فعالية من القادة الذين يؤدون وظيفة قيادية واحدة فقط، فالتعقيد السلوكي هنا هو قدرة القائد على أداء ادوار تنظيمية متعددة تتطلب انماط سلوك مختلفة جداً. ان القائد ذو التعقيد السلوكي العالي يمتلك مجموعة واسعة من السلوكيات تختلف عن القائد الذي يمتلك عدد محدود من السلوكيات. وعليه فان التعقيد السلوكي هو القدرة على اظهار سلوكيات عكسية او متنافسة مع الحفاظ على قدر من النزاهة والمصداقية والتوجه. وعليه يمكن تنظيم هذه السلوكيات المتناقضة باستخدام أبعاد أطار القيم المتنافسة، ان إطار القيم المتنافسة يؤكد بان القيم المتعارضة والمتطلبات السلوكية المتعارضة متأصلة في طبيعة القيادة. ان القيم المتعارضة لها قيمة متساوية لفعالية القائد. ولذلك فان فعالية القائد تستلزم اتقان أنماط السلوك. القادة الاداريين يتميزون بأنهم فعالين وانهم لا يقتصرون على تبني تقنيات إداريه واحدة أو قليلة. بل تميل للعمل في اطار (القيم المتنافسة)، لأن السلوكيات التي تكون بمثابة تعبير عن هذه القيم يبدو أنها تتعارض مع بعضها البعض، وعليه يمكن الجمع بين السلوكيات المتنافسة (المتمايزة والمتكاملة) لتحقيق مستوى من التميز أعلى من أي سلوك منفرد.