ظاهرة الاغراق السلعي

                  م.م. ضياء عبد الرزاق حسن

     

   من الناحية التاريخية برزت هذه الظاهرة ايام حرب الاستقلال الامريكية عندما بدأت الصناعات الانكليزية المتميزة في ممارسة ظاهرة الاغراق لإعاقة نمو الصناعات الجديدة في مستعمراتها القديمة في امريكا، و كانت حينها تشكل عائقا امام نمو الاقتصاد الامريكي، اما في الوقت الحالي اصبحت الولايات المتحدة الامريكية و دول الاتحاد الاوربي تمارس هذه السياسات ضد الدول النامية، لذلك تزايد الاهتمام بهذا الموضوع في التجارة الدولية نظرا لتأثيراته المتباينة على اقتصاديات الدول سواء تلك التي تمارس عملية الاغراق او الدول التي يمارس فيها الاغراق.

   و هنالك العديد من التعاريف التي وصفت ظاهرة الاغراق السلعي منها " تمثل بيع السلعة المنتجة محليا في الاسواق الخارجية بسعر يقل عن كلفة انتاجها او بسعر يقل عن السعر الذي تباع في السوق المحلية مما يعني ان نظام البيع بسعرين احدهما مرتفع في السوق الداخلي و اخر منخفض في السوق الخارجية" و في مجال العلاقات الدولية ينظر اليه على انه " بيع الصادرات بسعر منخفض عن القيمة العادية او بسعر السوق العادل أي بسعر يقل عن الكلفة المتوسطة للمنتج".

   و يتم الاغراق السلعي لاحد السببين:

  1.  هو استجابة قصيرة لانكماش اقتصادي محلي من خلال بيع فائض الانتاج في الخارج بسعر منخفض للتخلص منه.
  2. زيادة الحصص السوقية في الدول المصدرة لها على المدى البعيد.

   و في كلتا الحالتين فأنه سيؤدي الى الهيمنة على الاسواق المصدر اليها و منع نمو صناعاتها المحلية سواء كانت زراعية او صناعية.

   و خلاصة ما تقدم نجد ان مفهوم الاغراق يتمثل ببيع السلعة بسعر اقل مما تباع فيه في الدول المصدرة و ذلك لكسب الاسواق او تصريف الفائض من منتج موجود لديها.

و يمكن تقسيم الاغراق الى عدة انواع يمكن ايجازها بآلاتي:

  1. الاغراق الفجائي (العارض): يحدث هذا الاغراق لظروف طارئة كالرغبة في التخلص من سلعة معينة في اخر الموسم اذ تطرح السلعة في السوق الدولية بأسعار منخفضة او لأسباب تتعلق بأسعار صرف العملات.
  2. الاغراق التلقائي ( غير المتعمد) : و يحدث عندما تنخفض تكاليف الانتاج خلال مرحلة من مراحل الانتاج مثلا انخفاض اسعار المدخلات  فجأة.
  3. الاغراق قصير الاجل: يهدف هذا النوع من الاغراق الى تحقيق هدف معين ينتهي بمجرد تحقيق ذلك الهدف، ومن الامثلة على ذلك التخفيض المؤقت لأسعار البيع بقصد فتح سوق كبيرة ويتقبل المنتجين الخسارة سابقا. 
  4. الاغراق طويل الاجل ( المستمر او الدائم): و هوا يخطط الى تحقيق اهداف بعيدة المدى.

  و  هنالك العديد من المبررات لظهور الاغراق السلعي نذكر منها:

  1. المبررات التنافسية: و تتجسد في رغبة الشركات التي تطبق سياسة الاغراق الى ابعاد منافسيها من السوق المستهدف و ذلك لغرض السيطرة عليه.
  2. مبررات تسويقية: و هي العمل على التغلغل في الاسواق و التأثير على سلوك المستهلك بإدخال سلع و منتجات جديده لم يعتد المستهلك الى استهلاكها او انها متوفرة بشكل قليل مما يؤسس سلوك استهلاكي جديد يهدف الهيمنة على سوق المنتج الذي لم يسبق لاحد المنتجين دخوله.
  3. مبررات اقتصادية واجتماعية: وهي لجوء المنظمات الانسانية او الحكومات الى اغراق السوق بمنتج معين لضرورته وعجز المستهلك عن شراؤه لارتفاع اسعاره فتقوم الحكومة بتوفيره بسعر مناسب حتى يكون بمتناول عدد كبير من الناس.

مبررات استراتيجية:  و هي الاخطر و تهدف الى تدمير الزراعة او الصناعة او التجارة المحلية في الامد البعيد، و يتم ذلك عبر تسويق منتج معين في سوق مستهدف بسعر و مواصفات ينتج عنها تدمير المنتج المحلي.