مقالة بعنوان (إشكالية التنمية والديمقراطية)

 
أصبحت إشكالية العلاقة بين التنمية والديمقراطية من الموضوعات المثيرة للجدل، إذ شغلت بال المفكرين والباحثين في ميادين الاقتصاد والاجتماع والعلوم السياسة، وتعود طبيعة هذه العلاقة الى الطرح التاريخي لتوجهات وانماط وقوانين السوق والذي جمع المتخصصين في الفروع المختلفة على صعيد واحد، فكان مسار العلاقة بين المتغيرين (التنمية والحرية أو الديمقراطية) محط تباين وافتراق، يمكن تبيان رأيين بهذا الخصوص وكالآتي:
‌أ-العلاقة الايجابية بين التنمية والديمقراطية:
أكد الكثير من التنمويين المعاصرين على العلاقة الإيجابية بين الديمقراطية من جهة بوصفها غاية بحد ذاتها ونظاماً للحماية واستقامة السلوك السلطوي والإداري ، والتنمية من جهة أخرى باعتبارها القاعدة التي بتطورها يَفرض الخيار الديمقراطي ذاته ويثبت حضوره ، فقد وجد كل من (سيمور مارتن) و(روبرت دال) في دراسة كمية لهما ان تحقيق الرفاهية يدفع الافراد للمطالبة بالحقوق المدنية والحرية السياسية ، كما أكد كولمان في دراسة أخرى على وجود ارتباط احصائي عالي بين مؤشر الاستقرار وبين مؤشرات التنمية المتمثلة بوسائل الاتصال الحضرية والتعليم والتصنيع، ومن الثابت ان النظام السياسي يؤثر على النظام الاقتصادي ، فغياب المشاركة الديمقراطية في صنع القرارات ومراقبة تنفيذها أدت في الأنظمة الاشتراكية الى ضعف فرص التصحيح المبكر للأخطاء وتفشي السلبية والبيروقراطية والفساد مما قاد الى تدهور الأداء التنمو، واكتسبت الديمقراطية والدعوة الى الشفافية في الآونة الأخيرة اهتماماً كبيراً ، إذ تشير دراسات أجريت مؤخراً الى العلاقة الطردية بين الشفافية وتحسّن أساليب الحكم والإدارة ،ويمكن ان نلخص النظرة الإيجابية للعلاقة التنمية والديمقراطية بالآتي: (الزبيدي، 2013 الصفحات 50-53)
• توفر المؤسسات الديمقراطية والحقوق السياسية المضمونة والحريات المدنية فرصاً أوسع للنمو المستدام.
• وجود علاقة سببية بين الديمقراطية والنمو المستدام الذي يتركز هدفه النهائي على تحرير المجتمع من ضغوط الحاجة والخيارات الصعبة.
• تسعى الديمقراطية للحفاظ على حقوق الانسان وهي بذلك تسهم في تعميق ظاهرة التنمية البشرية.
• يؤكد البعض على أهمية إعادة تكوين السلطة ومحاسبتها على ترشيد إنفاق الفائض الاقتصادي وعدم تبديده في وجوه غير نافعة.
• ان الدول الديمقراطية هي أكثر مقدرة على توفير شروط البيئات الاستثمارية الصالحة.
‌ب-العلاقة السلبية بين التنمية والديمقراطية:
يؤكد البعض من الباحثين التنمويين على عدم وجود علاقة سببية بين التنمية والديمقراطية وذهب البعض الآخر الى تشخيص توترات جدية بينهما ، فالدول الديمقراطية المنتجة للنفط واجهت مشكلات اسوأ من تلك التي عانتها الدول غير الديمقراطية ، ويعتقد هؤلاء كذلك بأن النجاح الاقتصادي يعتمد جزئياً على قدرة الحكومة في مواجهة التقلبات الدورية ، ويشيرون في هذا الخصوص الى تجربة بلدان شرق آسيا (كوريا الجنوبية، سنغافورة، تايوان، وهونغ كونغ ) التي تمكنت من تحقيق نجاح كبير بالاعتماد على أنظمة شمولية ، مثل التي قادها ستالين أو رئيس كوريا الجنوبية وبارك تشونغ هي أكثر فاعلية في حشد الموارد من اجل النمو أو في اقناع أصحاب الاعمال بالاستثمار.
 
بقلم الأستاذ المساعد الدكتور علياء حسين خلف الزركوشي