فن ادارة التغيير في القيادة التحويلية

المدرس المساعد سجاد خلف حسين

 

 

فن ادارة التغيير في القيادة التحويلية

 

تعد القيادة أحد المداخل المعاصرة التي ركزت عليه الكثير من البحوث منذ أوائل الثمانينات. والقيادة التحويلية تعتبر جزءاً من طروحات ”القيادة الجديدة“، والقيادة التحويلية هي العملية التي تغير الأفراد وتحولهم، وهي تركز على القيم والأخلاق والمعايير والأهداف طويلة الأجل، وتشمل القيادة التحويلية على تقويم دوافع الأفراد وإشباع حاجاتهم ومعاملتهم بإنسانية. وهي عملية تندرج ضمن القيادة ذات الصبغة الكاريزمية والرؤية المستقبلية.

والقيادة التحويلية مدخل شمولي يمكن استخدامه لوصف مدى واسع من القيادة، من المحاولات الدقيقة للتأثير في الأتباع على المستوى الفردي إلى المحاولات الأكثر اتساعاً للتأثير في المنظمات كلها والثقافات بأكملها. وعلى الرغم من أن القائد التحويلي يلعب دوراً محورياً في التعجيل في حدوث التغيير، إلا أن الأتباع والقادة يرتبط كل منهم بالآخر في العملية التحويلية.

تعريف القيادة التحويلية:

تمت صياغة مصطلح“ القيادة التحويلية“ لأول مرة من قبل داونتون Downton 1973؛ إلا أن ظهوره مدخلاً مهماً في القيادة بدأ مع العمل الكلاسيكي الذي قدمه عالم الاجتماع السياسي جيمس ماكجريجر بيرنز تحت عنوان“ القيادة“ عام 1978. وقد حاول بيرنز في عمله أن يربط بين دوري القيادة والتبعية، وكتب عن القادة بوصفهم أفراداً يتحكمون في دوافع الأتباع لكي يتمكنوا من تحقيق أهداف القادة والأتباع، والقيادة عند بيرنز تختلف تماماً عن استخدام القوة لأنه لا يمكن فصلها عن حاجات الأتباع.

ويميز بيرنز بين نوعين من القيادة: التبادلية والتحويلية, فالقيادة التبادلية: تعني مجموعة من النماذج القيادية التي تركز على التبادلات التي تجري بين القادة وأتباعهم.

مثال: المديرون الذين يرقون الموظفين الذين يتجاوزون أهدافهم  يستخدمون القيادة التبادلية.

المدير الذي يحاول تغيير القيم التنظيمية المشتركة لشركته ليعكس معياراً أكثر إنسانيه وعدالة، ومن الممكن في أثناء العملية أن يصل المدير والأتباع إلى مجموعة من القيم الأخلاقية أقوى وأعلى من القيم السابقة.

عوامل القيادة التحويلية:

تهتم القيادة التحويلية بأداء الأتباع، وبتطوير قدراتهم إلى الحد الأقصى. والأفراد الذين يظهرون القيادة التحويلية غالباً ما يكون لديهم مجموعة قوية من القيم والمثل الداخلية، وفاعلية في تحفيز الأتباع للدفاع عن المصالح العامة الخيرة وليس مصالحهم الذاتية.

1.التأثير المثالي:

يسمى العامل الأول( 1)“ بالكاريزما أو التأثير المثالي“. وهو يصف القادة الذين تمثل تصرفاتهم أدواراً نموذجية لأتباعهم؛ ويتمثل الأتباع هؤلاء القادة، ويرغبون في محاكاتهم بدرجة كبيرة، وعادة ما يكون لدى هؤلاء القادة معايير عالية جداً للسلوك الأخلاقي، ويمكن الاعتماد عليه للقيام بالشيء الصحيح، ويكن لهم الأتباع احتراماً عظيماً، وغالباً ما يثقون فيهم إلى حد بعيد. ويزود هؤلاء القادة الأتباع برؤية وشعور بالرسالة.

2.الدافعية الإلهامية:

يطلق على العامل الثاني( 2)“ الدافعية الإلهامية“. وهذا العامل يصف القادة الذين يوحدون الأتباع بتوقعات عالية، ويلهمونهم من خلال تحفيزهم لكي يلتزموا بالرؤية المشتركة في المنظمة ويصبحوا جزءاً منها، وعند تطبيق هذه الرؤية يستخدم القادة الرموز والتودد العاطفي لتركيز جهود أعضاء المجموعة من أجل تحقيق أكثر مما يحققون من خلال اهتمامهم الذاتي. وهذا النوع من القيادة يعزز روح الفريق. ويمكن أن يكون أحد الأمثلة على هذا العامل هو مدير المبيعات الذي يحفز موظفي المبيعات لديه لكي يتفوقوا في عملهم من خلال الكلمات والعبارات التشجيعية التي تعبر بوضوح عن الدور الأساسي الذي يلعبونه في التطور المستقبلي للشركة.

 

للمنهج التحويلي في مرحلة تطوره الحالية العديد من نقاط القوة، منها:

أولاً: لقد تم بحث القيادة التحويلية على نطاق واسع ومن جوانب عديدة، من بينها سلسلة من الدراسات الكيفية لقادة بارزين وقدامى المديرين بصفة عامة، ومنظمات مشهورة. كما أن القيادة التحويلية كانت هي النقطة المحورية لمجموعة كبيرة من البحوث في القيادة.

ثانياً: إن للقيادة التحويلية جاذبية بدهية، فهي تصف كيف يكون القائد“ في المقدمة“ مدافعاً عن التغيير بالنسبة للآخرين؛ ويتلاءم هذا المفهوم مع الفهم السائد بالمجتمع حول معنى القيادة. والناس ينجذبون إلى القيادة التحويلية لأن لها معنى بالنسبة لهم. وهي تناشد القائد بأن يقدم رؤية للمستقبل.

ثالثاً: تتعامل القيادة التحويلية مع القيادة على أنها عملية تحدث بين الأتباع والقادة. ولأن هذه العملية تجمع بين حاجات كل من الأتباع والقادة، فإن القيادة ليست تماماً مسؤولية القائد، ولكنها تنشأ عن التفاعل بين القادة والأتباع. حاجات الآخرين تعد رئيسية بالنسبة للقائد التحويلي. ونتيجة لذلك فالأتباع يحصلون على موقع ثابت في عملية القيادة لأن صفات الأتباع تعد أمراً أساسياً في نشوء العملية التحويلية.

رابعاً: يقدم المدخل التحويلي رؤية واسعة للقيادة تساند النماذج القيادية الأخرى. والعديد من نماذج القيادة تركز في الأساس على كيفية تبادل القادة المكافآت مقابل إنجاز الأهداف. أي أن العملية التبادلية. ويوفر المدخل التحويلي صورة مكبرة للقيادة تشتمل ليس فقط على تبادل المكافآت، وإنما تشمل على اهتمام القادة بحاجات الأتباع وتطورهم.

نقاط الضعف

كما أن للقيادة التحويلية العديد من نقاط القوة، لها أيضاً نقاط ضعف، إحدى هذه النقاط هو أنها تفتقر إلى الوضوح في المفهوم، ولأنها تغطي مداً واسعاً، يشتمل على رؤية مستقبلية، وتدعو للتحفيز والتغيير وبناء الثقة، فإنه من الصعوبة أن نحدد بوضوح حدود القيادة التحويلية. وبصفة خاصة، فإن البحث الذي قام به تراسي وهنكن قد أظهر وجود تداخل جوهري بين العناصر الأربعة( التأثير المثالي، والحفز الذهني، والدافعية الإلهامية، والاهتمام الفردي)، بما يوحي بأن هذه الأبعاد ليست محددة بدقة. وعلاوة على ذلك، فإن حدود القيادة التحويلية غالباً ما تتداخل مع الطروحات المشابهة في القيادة. وعلى سبيل المثال يبين برايان أن القيادة التحويلية والكاريزمية غالباً ما يتم التعامل معها على أنها مترادفات، على الرغم من أن الكاريزما في بعض نماذج القيادة تعتبر مجرد مكون واحد للقيادة التحويلية. وبالمثل، فلقدوجد تراسي وهنكن أن القيادة التحويلية تتداخل مع الممارسات الإدارية الوسطى مثل: التوضيح والتحفيز وبناء الفريق.

 

وثمة نقد آخر وهو أن القيادة التحويلية تستند أساساً إلى البيانات النوعية التي يتم تجميعها من قادة كانوا يشغلون مناصب قيادية في منظماتهم، ويبين برايان أن البيانات تنطبق على قيادة المنظمات ولكنها لا تنطبق بالضرورة على القيادة“ في“ المنظمات. ولقد بدأ باس والأعضاء المشاركون في الحصول على نتائج دراسات كمية عن القادة في جميع المستويات الإدارية للتأكد من فروض القيادة التحويلية. ولكن إلى أن يتم جمع المزيد من البيانات تظل الأسئلة حول كيفية تطبيق القيادة التحويلية للقادة في المستويات الدنيا معلقة.

 

بعض النصائح لمساعدة القائد حتى يصبح سلوكه تحويلي

1. قم بتوضيح ووضع رؤيتك vision التي تستهوي المرءوسين.

2. قم بصياغة الاستراتيجية التي سوف تساعد على تحقيق هذه الرؤية.

3. وصل الرؤية بوضوح للآخرين.

4. أظهر الثقة والتفاؤل في إمكانية نجاح رؤيتك.

5. أظهر الثقة في مقدرة المرءوسين على إتباع الاستراتيجية التي تساعد على تحقيق الرؤية.

 

نموذج القيادة التحويلية Transformational Leadership

يتميز هذا الأسلوب من القيادة بتقديم حافزية عالية Extraordinary motivation للعاملين من خلال اللجوء إلى المُثل الأحسن Higher ideas والقيم الأخلاقية( السلوكية) Moral values وحثهم على التفكير حول مشاكل المنظمة بطرق جديدة. وهذا يشعر أعضاء التنظيم بالثقة والإعجاب والإخلاص والاحترام نحو قائد المجموعة وتتوفر لديهم الدافعية لإنجاز أكثر مما يتصورون. ويستطيع القائد أن يحفز مجموعته من خلال زيادة إلمامهم بأهمية وقيمة أعمالهم ووضع مصلحة الفريق أو مصلحة المنظمة فوق المصلحة الفردية أو الخاصة ويتطلب ثلاثة مراحل:

1. الشعور بالحاجة للتغيير Recognizing the need for change.

2. وضع رؤيا جديدة Creating a new vision.

3. تنفيذ التغير أو إقناع المجموعة وقبولها بالتغيير Institutionalizing the change

وكل هذه الخطوات تحتاج إلى المهارات والالتزام الضرورية لتنفيذ التغيرات بنجاح.